سورة المعارج - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المعارج)


        


{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)}
الضمير في {يَرَوْنَهُ} إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان الأول: أنه عائد إلى العذاب الواقع والثاني: أنه عائد إلى: {يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] أي يستبعدونه على جهة الإحالة {و} نحن {نراه قَرِيبًا} هيناً في قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر. فالمراد بالبعيد البعيد من الإمكان، وبالقريب القريب منه.


{يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)}
فيه مسألتان:
المسألة الأولى: {يَوْمَ تَكُونُ} منصوب بماذا؟ فيه وجوه:
أحدها: بقريباً، والتقدير: ونراه قريباً، يوم تكون السماء كالمهل، أي يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم.
وثانيها: التقدير: سأل سائل بعذاب واقع يوم تكون السماء كالمهل والثالث: التقدير يوم تكون السماء كالمهل كان كذا وكذا والرابع: أن يكون بدلاً من {يوم}، والتقدير سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يوم تكون السماء كالمهل.
المسألة الثانية: أنه ذكر لذلك اليوم صفات:
الصفة الأولى: أن السماء تكون فيه كالمهل وذكرنا تفسير المهل عند قوله: {بِمَاء كالمهل} [الكهف: 29] قال ابن عباس: كدردى الزيت، وروى عنه عطاء: كعكر القطران، وقال الحسن: مثل الفضة إذا أذيبت، وهو قول ابن مسعود.
الصفة الثانية: أن تكون الجبال فيه كالعهن، ومعنى العهن في اللغة: الصوف المصبوغ ألواناً، وإنما وقع التشبيه به، لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
الصفة الثالثة: قوله: {وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قال ابن عباس الحميم القريب الذي يعصب له، وعدم السؤال إنما كان لاشتغال كل أحد بنفسه، وهو كقوله: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] وقوله: {يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ} [عبس: 34] إلى قوله: {لِكُلّ امرئ مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] ثم في الآية وجوه:
أحدها: أن يكون التقدير: لا يسأل حميم عن حميمه فحذف الجار وأوصل الفعل الثاني: لا يسأل حميم حميمه كيف حالك ولا يكلمه، لأن لكل أحد ما يشغله عن هذا الكلام الثالث: لا يسأل حميم حميماً شفاعة، ولا يسأل حميم حميماً إحساناً إليه ولا رفقاً به.
المسألة الثانية: قرأ ابن كثير: {وَلاَ يَسْئَلُ} بضم الياء، والمعنى لا يسأل حميم عن حميمه ليتعرف شأنه من جهته، كما يتعرف خبر الصديق من جهة صديقه، وهذا أيضاً على حذف الجار قال الفراء: أي لا يقال لحميم أين حميمك ولست أحب هذه القراءة لأنها مخالفة لما أجمع عليه القراء.


{يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12)}
قوله تعالى: {يُبَصَّرُونَهُمْ} يقال: بصرت به أبصر، قال تعالى: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} [طه: 96] ويقال: بصرت زيد بكذا فإذا حذفت الجار قلت: بصرني زيد كذا فإذا أثبت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار قلت: بصرني زيداً، فهذا هو معنى يبصرونهم، وإنما جمع فقيل: يبصرونهم لأن الحميم وإن كان مفرداً في اللفظ فالمراد به الكثرة والجميع والدليل عليه قوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِن شافعين} [الشعراء: 100] ومعنى يبصرونهم يعرفونهم، أي يعرف الحميم الحميم حتى يعرفه، وهو مع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه، فإن قيل: ما موضع يبصرونهم؟ قلنا: فيه وجهان الأول: أنه متعلق بما قبله كأنه لما قال: {وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً} [المعارج: 10] قيل: لعله لا يبصره فقيل يبصرونهم ولكنهم لاشتغالهم بأنفسهم لا يتمكنون من تساؤلهم الثاني: أنه متعلق بما بعده، والمعنى أن المجرمين يبصرون المؤمنين حال ما يود أحدهم أن يفدي نفسه لكل ما يملكه، فإن الإنسان إذا كان في البلاد الشديد ثم رآه عدوه على تلك الحالة كان ذلك في نهاية الشدة عليه.
الصفة الرابعة: قوله: {يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وصاحبته وَأَخِيهِ} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: المجرم هو الكافر، وقيل: يتناول كل مذنب.
المسألة الثانية: قرئ {يَوْمَئِذٍ} بالجر والفتح على البناء لسبب الإضافة إلى غير متمكن، وقرئ أيضاً: {مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ} بتنوين {عَذَابِ} ونصب {يَوْمَئِذٍ} وانتصابه بعذاب لأنه في معنى تعذيب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8